top of page
  • Writer's pictureBLOG-PMC

بَيْن رغباتنا

إيناس النخلة


المرءُ في طبعهِ تواقٌٍ إلى ما لم يَنل، يبقى ناقصاً للأبد، خالياً من الأمل، مُحباً للظلامِ، شارداً في لا أحد، تائهاً في قوقعةٍ سوداء لأنه لم يَنل أشد الأشياء التي رغبها، وأحبها، وسعى عمراً لأجلها، وبذل كل وسعهُ لها، لكن أحياناً كثيرة يكون وسع المرء غير كافٍ.

فأصعب ما يمكن للمرء عيشه أن يكون في الرمادية، أي بين كل شيء ولا شيء، بين أبيضٍ وأسودٍ بين الحب والكراهية ، بين التعلق والتخلي، بين الوعي والجهل، في منطقة الغباش لا مكان لوجود الوضوح، ولا يمكنهُ أن يبوح، ليبقى محصوراً في خيبته المبتذلة لأنه لم يَنل.

لكن ما الحقيقة إلا واحدة وهي "لقد خلقنا الإنسان في كبد" أي في الشرود والبكاء، في متاعب الحياة، و مصاعب الأيام، وما هي إلا الحياة الدنيا، كلُّ من عليها فان.

حقيقةُ شعور السعادة بحصولنا على أحب الأشخاص لقلبنا شيءٌ تقف أمامه عاجزاً، لا يوجد بيديك حيلة، يقف الأمر كلهُ للخالق، للقدر، وللأسباب التي هُيّئت، والأمور التي فُرضت، والمواقف التي شُهدت، لا يتبقى أمامك خياراً سوى الدعاء، فتبقى تواقاً، تبقى داعياً راجياً في كل وقت وحين، في كل زمان ومكان وعندما لا تنل، تقف الدنيا بك بلحظة، يلتف اليأس حول عنقك ويبغت الظلام عينكَ، يؤلمك قلبك بقوة، كأنه أشد أعدائك، تموت وتعيش لعلّ ما رجوته يُستجاب، ولعلّ الأمنيات حُققت ، والموانع سُخظت ولكن الحقيقة واحدة بأنك لم تنل.

عندئذٍ يقع عليك الاختيار إما بالاستغفار أو الانتحار!

إما بخلق الأمل أو الاستسلام للفشل.

السعادة شيءٌ مقدر لك لا يمكنك تغييره حتى وإن سعيت لأجله، لكن نجاحك يُوْجب عليك شن الحرب لأجله لئلّا يضرم النار فيك وكأنه يقول لك: ليس لك مني إلا بقدر ما سعيت لأجلي.

لا تجعل خيبتك برغبتك سبباً في اختيارك لفشلك.

إن كان من المقدر لكَ ألّا تنَل أشد الأشياء رغبة ليس مبرراً لتصبح هامشاً أو ميتاً.

كن إنساناً لم يَنل ما تمنى وصارع لأخذ ما يستحق ولا تكن إنساناً لم ينل واختار أن يكن عاجزاً ، ففُرضت عليه تعاسته فشله وموته.

لذا اختر الرضا ليَهن عليك العبور، حتى لو كان قلبك لا ترافقهُ الكسور، فاختر بإرادتك شجاعة المرور في زمنٍ توقيت انتهائه غير معلوم.

اختر الرضا يَهُن عليك العبور.




195 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page